لواء دكتور سمير فرج يكتب رسالة إلى من يهمه الأمر….من فايد
كلية الضباط الإحتياط فى فايد ( الدفعة168)

رسالة إلى من يهمه الأمر من فايد
لواء دكتور/ سمير فرج
إحتفلت القوات المصرية والشعب المصري في الأسبوع الماضي بتخريج دفعة جديدة من كلية ضباط الاحتياط في فايد، الدفعة (168)، والتي تحمل اسم الشهيد مقدم حسن محمد عبد الخالق، وذلك بحضور السيد وزير الدفاع الفريق أول عبد المجيد صقر، والسيد رئيس أركان القوات المسلحة الفريق أحمد خليفة، والسادة المحافظين وقادة القوات المسلحة.

والواقع أن كلية ضباط الاحتياط المصرية لعبت دورًا كبيرًا في الماضي وما زالت حتى الآن تقوم بتخريج الضباط الاحتياط لكافة أسلحة القوات المسلحة، حيث كان لها دور بارز خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 73. ونظام الضباط الاحتياط معمول به في كل دول العالم، إذ يشكلون القاعدة الأساسية للجيوش، فالكليات الحربية لا تستطيع وحدها أن توفر الأعداد المطلوبة، لذلك تلجأ الجيوش إلى استكمال أعداد الضباط في الوظائف الصغرى بمختلف الأسلحة: الأطباء، المهندسين، الحرب الكيماوية، والأسلحة المقاتلة كالمشاة والمدرعات والمدفعية… إلى آخره من خريجي كليات الضباط الاحتياط.

وفي هذا الاحتفال ظهر خريجى الكلية بصورة أكثر من رائعة، حيث شاهد الجميع من خلال وسائل الإعلام المستوى المتميز للطلبة من حيث اللياقة البدنية، وفنون القتال، والانضباط العسكري، وتأدية طابور السلاح الصامت، ثم الابتكارات التي قدمها الطلبة. وكان المستوى بالفعل يقارب مستوى خريجي الكلية الحربية المصرية، بل يمكن القول إن مستوى الكلية في مصر يفوق نظيراتها في دول العالم. فبينما ترى وزارات الدفاع الأخرى أن الضابط الاحتياط لن يخدم إلا سنوات محدودة، ومن ثم لا يستلزم الإنفاق عليه بشكل كبير، نجد أن خريجي كلية ضباط الاحتياط المصرية يخرجون على مستوى يقارب مستوى خريجي الكلية الحربية، وهو أمر فريد من نوعه عالميًا.
وقد سبق لي أن زرت هذه الكلية عدة مرات لإلقاء محاضرات توعية للطلبة هناك. وخلال إحدى زياراتي اصطحبني اللواء أركان حرب بهاء الدين عبد الرحيم، مدير الكلية، للمرور على منشآتها. ولقد سعدت كل السعادة بما رأيته من عناية شخصية بالطلبة، سواء في مستوى الإقامة والوجبات، أو في صالات الرياضة، كما شاهدت فريق الجودو والكاراتيه، وزرت مكتبة الكلية الفريدة من نوعها والمتصلة بالعديد من المكتبات، فضلًا عن مستوى المستشفى الذي يغطي كل الاحتياجات الطبية للطلبة.
كانت محاضرتي جزءًا من سلسلة محاضرات التوعية التي تقدمها الكلية لطلبتها، ومن بينها محاضرات لوزير الأوقاف وغيرهم من السادة الوزراء. وهنا نتوقف قليلًا لنؤكد أن العرض الذي شاهده الجميع في هذا الحفل قد لفت أنظار العديد من الدول المجاورة والعالمية، حيث أكدت التحليلات أن مستوى الضابط الاحتياط المصري وصل إلى مستوى الاحتراف. وهذا يعني أن الجيش المصري أصبح على مستوى عالٍ من الأداء القتالي، لأن الضباط الاحتياط – ليسوا في مصر فقط بل في كل جيوش العالم – يشكلون القاعدة الأساسية لأي قوات مسلحة. وطالما كان هؤلاء الضباط بهذا المستوى، فإن القوات المسلحة المصرية تظل بمستوى متميز.
وللعلم، فإن تقييم الجيوش في العالم لم يعد يعتمد فقط على عدد الأسلحة والمعدات ونوعيتها ومستوى تقدمها، بل أصبح جزء كبير منه يعتمد على المقاتل الفرد، من حيث قدرته على استخدام هذه المعدات المتطورة، ومستوى انضباطه وروحه المعنوية. وهذا ما أكدته التحليلات التي تلت حفل تخرج كلية ضباط الاحتياط المصرية في فايد.
والآن، فإن التطور التكنولوجي في الأسلحة والمعدات العسكرية يتطلب مقاتلًا قادرًا على استخدام هذه التكنولوجيا، ليس فقط في ميادين القتال، بل أيضًا على مستوى التطوير والأداء. لذلك أقول إنها كانت رسالة من مدينة فايد، حيث تخرجت هذه الدفعة من الضباط الذين يمثلون كافة الأسلحة المقاتلة والمعاونة في الجيش المصري، بأن هناك دماء جديدة تُضخ في القوات المسلحة المصرية، على مستوى عالٍ من الاحترافية والعلم والقدرة على استيعاب أسلحة العصر الحديثة.
وبهذا يرتفع تقييم القوات المسلحة بين جيوش العالم، بفضل هذا الجندي الجديد المزود بالروح المعنوية العالية والاحترافية القتالية، والتي كان أكبر مثال لها ما قدمه المقاتل المصري في حرب أكتوبر التي نحتفل بذكراها هذه الأيام، والتي تعد أغلى نصر لمصر في العصر الحديث. وأشير هنا إلى أن معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن (IISS) جاء في تحليل له بعد انتهاء حرب أكتوبر 73 ليؤكد أنه رغم التفوق العددي والنوعي للسلاح الإسرائيلي في تلك الحرب، إلا أن نوعية المقاتل المصري هي التي حققت التفوق على العدو الإسرائيلي.
وهذا ما تعمل عليه القوات المسلحة المصرية حاليًا: الاهتمام أولًا بالمقاتل الفرد من حيث التدريب ورفع الروح المعنوية، لأنه أساس أي معركة قادمة مع أي عدو تسوّل له نفسه أن يمس الأمن القومي المصري.
ومن هنا، فإن حفل تخرج كلية ضباط الاحتياط في فايد الأسبوع الماضي كان رسالة واضحة لمن يهمه الأمر: بأن الجيش المصري قادر على حماية أرضه وصون أمنه القومى.