قصة قصيرة**حجرة الكنترول//تأليف / علية مصطفى خضر

قصة قصيرة**حجرة الكنترول//تأليف / علية مصطفى خضر
انهمكت (ريهام) في عد الأوراق الخاصة بلجنة الامتحان في حجرة الكنترول، وبينما هي كذلك سمعت صوت من خلفها يهمس بأذنها:تعالي أعلمك طريقة سهلة للعد. وأخذ الأوراق من يدها، ليعلمها كيف تعدها بطريقة متمرس بأعمال الكنترول من فترة طويلة.
ثم أردف قائلا:أليس هذا أفضل؟ وناولها الأوراق، ثم انصرف إلى عمله لكن (ريهام) لم تستطيع العد لا بطريقتها ولا بالطريقة السهلة التي علمها إياها، وظلت تحدق للمجهول أمامها غير مصدقة ما حدث، وتسأل نفسها هل هو؟ وترد نعم أنه هو نفس دفء الصوت! العينان! نعم.. نعم أنه هو بلا أدنى شك! ثم أردفت متسائلة ألم يعرفني؟ هل نسيني؟ ألم يتذكر من كانت حبيبة عمره كما كان يردد ويقول؟
لم تستيقظ من شرودها إلا عندما نادت عليها زميلتها بغرفة الكنترول متسائلة مابك (ريهام) إلى أين ذهبت إنني أتحدث إليك مذ فترة، ولكنك لا تسمعيني؟!
ثم قالت متعجبة:دموع! لماذا عزيزتي هل(منير) هو سبب هذه الدموع؟ ماذا فعل لك لدرجة البكاء؟
اختنقت العبرات داخلها ولم تستطيع الرد، وفي هذه اللحظة دلف (منير) للحجرة، وشاهد دموع الزميلة، فتوجه لها بالسؤال ماذا بك فلم تنطق ببنت شفة فاستغرب من ردة فعلها، وغادر الغرفة وظلت هكذا إلى أن انتهى عملها، وعادت إلى بيتها، وظلت واجمة باقي النهار تترقرق الدموع في عينيها، وعندما سألها الزوج والأولاد عن مابها لم تجب بل انهمرت دموعها كسيل حط من عل، وظلت هكذا باقي يومها إلى أن ذهبت في اليوم التالي لاستكمال عملها بالكنترول، وعيونها منتفخة كبلون أوشك على الانفجار.
قررت إن تتحاشاه، وتعتبره غير موجود لكنها لم تستطيع، وكانت تسترق النظر إليه خلسة من وقت لأخر، وتنهال عليها الذكريات كأنها بالأمس القريب، ولم تستطع حجب دمعها بل نهنهتها التي وصل لأسماع الجميع، والكل ينظر لها باستغراب.
-ماذا جرى لك مابك فلتتكلمي زميلتنا الغالية؟ هكذا قال لها منير.
فانهارت، وخارت قواها، وأسرعت تلملم أشياءها وتنصرف من المكان مقدمة اعتذارا لرئيس الكنترول عن الاستمرار بالعمل، ولحق بها (منير) مُصرا على معرفة مابها، فنظرت له مستنكرة عدم تذكره لها وبادرته هل كنت تلهو بي؟ ألم يكن حبا؟ ألم أكن حبيبة عمرك كما كنت تدعي؟
نظر إليها (منير) ذاهلا فاغرا فاه، ثم بعد برهة سألها أأنت ريهام؟!
يا إلهي كيف لم أعرفك يامن كنت لي حبيبة ورفيقة وشريكة كفاح لشباب ضاع سُدى؟!
-ماذا؟ نطقت(ريهام) ضاع سُدى؟ثم صرخت بل عمري أنا من ضاع في الأوهام سُدي، ثم اندفعت تمزقه إربا بلسانها وعبارتها الحادة التي لم تعرف من أين جاءت بها؟ بل كان كل همها أن تجرحه كما جرحها، وقتل كل جميل في حياتها بعد أن تركها عروسا تنتظر عريسها وسط الأهل والأصدقاء لكنه غدر بها لم يأت أبدا، وجعلها أضحوكة، ولبانة يلوكها الجميع في أفواههم، وظلت هكذا تتجرع مرارة الألم، ونظرات الشامتين وتقريع الأهل لها إلى أن تقدم لها زوجها الحالي ووافقت عليه بدون تردد، وعاشت حياتها كما يحلو لهم جسد بلا روح، واستسلمت للحياة تلهو بها على رأي جدتها (أهي عيشة والسلام)
ظل (منير) يرنو لها بكل شفقة على ماوصل إليه حالها، واعتذر منها، وطلب أن تسامحه وتغفر له زلته.
صاحت(ريهام) أسامح، أغفر، لا وألف لا بل أسجد، وأطلب من الإله ألا يسامحك، ولا يغفر لك ماجنيته علىّ.
بكى (منير) مستعطفا من كانت حلم عمره أن تعرف أولا ماذا حل به ليلة خطبتهما قبل أن تكون هي أيضا جلاده لكنها أبت، ورفضت أن تسمعه، وأشاحت له بيدها ورمقته بنظرة غلول لن ينساها ماتبقى من عمره، ثم انصرفت.