من مجد الأجداد إلى عقول الأحفاد … رحلة مصر عبر الزمن ليست مجرد سرد للتاريخ، بل هي دعوة لبناء وعي ثقافي وفني ومعرفي يحمي إرث الوطن ويصقل مستقبل أجياله.
في زمن تتشابك فيه المعلومات وتتضارب الروايات، أصبح من الضروري توفير منابر حقيقية تقدم الحقيقة بأسلوب علمي ودقيق، يواجه التزييف ويحصّن العقل الجمعي
ندعو اليوم إلى مشروع وطني شامل يربط بين إرثنا العظيم، وفنّنا الأصيل، وابتكار شبابنا.
لم يعد تطوير الوعي مجرد فكرة، بل أصبح واجبًا يفرضه العصر، ففي زمن تتشابك فيه المعلومات وتتضارب الروايات، صار من الضروري أن نوفر منابر حقيقية تحمي الحقيقة وتقدمها بأسلوب علمي ودقيق.
أول هذه الدعوات هي إطلاق قناة وطنية متخصصة في تاريخ مصر؛ قناة لا تكتفي بسرد الوقائع، بل تعيد تفسير هذا الإرث الممتد لآلاف السنين بمنهجية علمية واضحة، لتكشف جوهر حضارتنا وتعيد الاعتبار لقيمها الحقيقية.
لقد حان الوقت لوقف التأويلات الخاطئة التي شوهت التاريخ وحاولت جعله في حالة تعارض مع الدين، بينما حضارتنا قامت على الإبداع والمعرفة والعمل، وهي القيم التي يتوافق معها جوهر الدين الصحيح.
إن إنشاء قناة من هذا النوع ليس مجرد مشروع إعلامي، بل خط دفاع ثقافي يحمي إرثنا ويعيد تشكيل العقل الجمعي ويحمي الوعي من التزييف ويحصّن الأجيال أمام موجات التشكيك.
وفي السياق ذاته، لا يمكن بناء وعي بلا فن يرقى بالذائقة.
ولهذا ندعو وزارة الثقافة والمؤسسات الإعلامية إلى إطلاق مسابقة وطنية كبرى لإكتشاف المواهب الغنائية والموسيقية في الصعيد والريف والسواحل.
هذه المسابقة ليست مجرد إحياء للتراث، بل خطوة أساسية لإعادة الذوق العام إلى مساره الطبيعي، وخلق فن يوحّد المجتمع ويعزز الإنتماء للأصالة والجمال والهوية الوطنية.
فالفلكلور المصري هو إرث حي من الطاقة الثقافية يمكن أن يشكل وجدان الأجيال القادمة إذا قدمناه بأسلوب معاصر وإحترافي.
مسابقة بهذا الحجم قادرة على تقديم جيل من الفنانين يعبرون عن مصر في تنوعها ويعزز إنتماءهم لجذور هذا الوطن.
أما الدعوة الثالثة فتتجه بثبات نحو المستقبل … تبني برامج وطنية لرعاية المواهب الفذّة في مجالات الذكاء الإصطناعي والابتكار.
إن دعم شبابنا في هذه المجالات يفتح أفقًا جديدًا للإبداع في تقديم تاريخ مصر وعرض إرث الأجداد بطريقة علمية حقيقية، تتماشى مع روح العصر.
إنها معادلة عميقة، لكن شبابنا يمتلك القدرة على تحويلها إلى واقع ملموس.
نحن أمام عالم يعاد تصميمه بالمعرفة والابتكار، ومصر تمتلك عقولًا شابة هائلة تحتاج إلى بيئة تحوّل الموهبة إلى ريادة، والفضول العلمي إلى إبتكار، والأبتكار إلى قوة إقتصادية حقيقية.
إن دعم هؤلاء الشباب ليس رفاهية أو خيارًا تكميليًا، بل إستثمار وطني إستراتيجي
يحمي إرث مصر ويعيد لها مكانتها كصانعة للمعرفة ومبتكرة للتكنولوجيا، لا مجرد مستهلكة لها.
ثلاث دعوات… لتاريخ يُروى بالعلم، وفن يُحيي الوجدان، وشباب يبتكر المستقبل ويحافظ على إرثه.
هذه ليست شعارات، بل خارطة طريق لبناء مصر الجديدة ،وعي يقظ، ثقافة متجددة، وفنون تُوحد المجتمع.
فمصر التي صممت أهراماتها بعقول أبنائها، قادرة اليوم على أن تصنع إعلامًا راقيًا، وفنًا أصيلًا، وابتكارًا يواكب العصر ويضعها في مصاف الدول الرائدة عالميًا.